اشياء تلح على الروح

------------------------------------------- اشياء من غير المحرج تذكرها ------------------------------------------ من فترة للتانية .. كنت با اكتب قصيدة للسخرية .. امتع ما اسعدني به المجتمع المصري .. هو كراهية اشعاري .. و كافأته المكافاة المستحقة .. قصايد السخرية ضمنتها في دواويني .. اسعدتني اكثر من غيرها .. تخيل يا جيلي العزيز .. . لو كنا بدانا مع الشعر و كان فيه تويتر و الفيس و الانستجرام .. مش كنا اكيد ح نحصد الاعجابات .. مش اكيد كان ح يكون لنا من المتابعين بالملايين .. تلاعبنا بفضائل المجتمع .. و رقصنا على جثث التراثات (جمع تراث ) .. فلنواجه الحقيقة يا جيلي الرائع الرومانسي .. يا جيل التسعينات المفرط في الرومانسية و السخي في الجنون .. المفرط في الثورة و الانحلال .. المفرط في عشق كل ما هو عادي .. جاء الفضاء الالكتروني بعد ما خمدت جوانا كل معاني الثورة .. بعد ما فقد العادي جوانا بريقه .. بقى عندنا حنين زي كل اللي سبقونا للمعجزات و الاساطير .. بقينا زي كل ما سخرنا منها من اجيال ... مش معنى كده ان الشهرة في يوم كان ليها اي اهمية عندنا او كان ليها في نظرنا اي معنى .. او ان ملايين المعجبين و المتابعين كانوا ح يعنوا لينا في الواقع اي شيئ .. قد ايه كان العالم في عيوننا بلا اي معنى .. قد ايه كان عالم جميل و رائع و عادي بلا اي ملل . --------------------------------------- اشياء من المحرج تذكرها --------------------------------------- كانت الاضاءة الخافتة نفسها .. الاضاءة اللي كنتي بتباني فيها مدهشة و كل اللي فيكي مدهش .. بسيطة و ساحرة .. في الركن المعتاد من المطعم الصيني .. الركن اللي استغربت فيه لأول مرة لأنك حافظة مقاطع من قصايدي .. كان بيفرحني بالذات اني اشوفك مستغرقة في الضحك على نكتي .. كل طاقة الكوميديا جوايا .. كانت بتخرج في اللحظات دي .. ما كان اجمل اني اشوفك بتضحكي على حاجة با اقولها .. نفس الاضاءة الخافتة اللي حضرت في ليلة الوداع .. قبل السفر للشمال و البرد .. السفر لاركان من مطاعم با اضاءة من غير سحر .. ايه اللي بان من نظرتي و انعكس على عينيكي .. بيحرجني جدا اني افتكر .. اني افتكر النظرة و انعكاسها .. اني افتكر اليوم اللي بدأ العجز فيه .. ياخد اماكن في الروح و يتمدد . ------------------------------------ اشياء بلا معنى حقيقي ------------------------------------ طلوع المقطم الساعة ستة الصبح .. اول الخريف ... بعد ليلة طويلة من السهر و السكر .. حواديت مالهاش معنى عن البراءة اللي بدأنا نفقدها .. و البنات .. البنات محتلين المركز من كل موضوع .. محتلين المركز من كل اشارة و كل حدوتة و كل نكتة ... ليه سيبنا البنات يهاجموا مناطق الوعي في كياننا .. يسيطروا و يحتلوا القلاع و الحصون ... البنات و البيرة اللي بتخلص دايما و بتجبرنا على الخروج صباحا للبحث عن المزيد منها ... و دايما المقطم او النيل او الهرم .. اشياء كلها بلا اي معنى حقيقي النهاردة ... كلها مش فاضل منها الا بقايا في الخيال .. و لا حتى فاضل قليل من النوستالجيا .. اشياء حدثت و عبرت و بس . ----------------------------------- اشياء كانت مؤلمة وقتها ----------------------------------- احمد المعلم كان صديقي العزيز .. يا ما سهرنا و لعبنا و خرجنا .. ياما حكينا لبعض قصص مخزية و فضائحية .. ياما ضحكنا من قلبنا على اشكال الناس في المواصلات الصباحية .. لما بنكون راجعين لبيوتنا في نهايات السهر .. ياما نزل علينا السكون و الهدوء مع صوت الست بعد اول حجرين .. ساعات كان بيغير الموضوع .. فورا لما كان الحوار بيدخل لمناطق خطرة .. كان بيغير الموضوع .. ابدا لم استحق في نظر احمد المعلم انه يشتبك معايا في حوار حقيقي يغوص لمناطق لها عمقها في القلب .. رغم كل السهر و الخروج .. و تبادل كتب الشعر .. ابدا ما استحقيتش في نظر احمد المعلم الثقة الحقيقية .. حاجات كثيرة كانت مؤلمة وقتها .. اما الآن فثقة احمد المعلم هي آخر شيئ في الوجود ممكن يعنيني . ------------------------------- اشياء ما زالت مؤلمة ------------------------------- مهما كتبنا من قصايد مؤثرة ح نفضل متهمين بالسطحية و الغباء .. نفس الفعل بيقوم به الشعراء منذ قديم الزمن .. كتابة القصايد .. حتى في زمن الانترنت و الهاتف الذكي .. لسه بيكتب الشعراء القصايد .. جيل السبعينات جرب كل اغراض الشعر من خمريات لهجاء لفخر لنسيب لمدح .. الخ .. الخ .. و ما زال بيدعي انه غامر مع الشعر المغامرة الاكبر .. و احنا .. احنا اللي رمينا كل اغراض الشعر في اقرب سلة مهملات .. و اعلننا من الالم و العبث و الصمت اغراض جديدة و ابدية للشعر .. ما زلنا قانعين بمكاننا في الظل .. ما زلنا لا نرى في الشعر غاية الوجود الكبرى .. ما زلنا بنحاول حصر الشعر و اخراجه من مراكز الاحساس بالألم .. ما زلنا بنجرب عزل الانثى عن مكان المركز في احساسنا بالوجود .. ما زلنا مرهقين و متعبين و ما زالت اغلب الاشياء مؤلمة .

Grief is personal الى ابي

بتاعك .. .. خاص بيك .. ليك .. و ليك لوحدك ... مش حاجة تقدر تشاركها او تشارك فيها .. غير طبق المأتم .. و غير الزهور و باقات الزهور .. غير حفلات التأبين و الخطب و الكلمات المعدة بعناية ... غير قصائد الرثاء ... مش حاجة تقدر تشترك فيها مع الاخرين ... او تسمح لحد انه يشاركك و لو جزء منها ... ليك لوحدك و مش لأي حد غيرك .. طوق من الشوك بتلبسه حوالين رقبتك و انت خارج كل يوم الصبح .. كرة تقيلة من الحديد مربوطة في رجلك .. الى الابد مربوطة في رجلك ... ... معاك حتى في احلامك ... .. الزمن ما بيخففش .. الزمن ما بيسعفش .. و لا بيقلل و لا بيلطف و لا بيرطب .. .. كل دي اوهام الغافلين عن حقيقة و معنى الكائن اللي بيشاركنا حياتنا بعد ما رحل عنها من رحل .. .. الزمن بس بيزود ارتباطك بيه .. بيعمق كل يوم احساسك بحضوره .. و رغبتك في الامساك بالحضور ده و ربط نفسك بيه ... محاصرته ليفلت منه و لو شيئ بسيط .. الزمن ما بيخففش حدة الشوك في الطوق اللي بتلبسه حوالين عنقك و انت خارج كل يوم .. الزمن بس بيخليك تصاحب الم الشوك و هو بينغرس في رقبتك .. تنزعج لو حسيت في يوم ان شوكة ما بقاش ليها نفس حدة الالم ... بيصاحبك على الالم ... .. و يربطك بيه اكثر .. و يربط بيه كل تفاصيل وجودك .. الزمن ما بيخففش من ثقل كرة الحديد المربوطة في رجلك .. اللي بتجرجرها وراك و انت ماشي من مكان لمكان .. اللي بتشاركك نومك و احلامك .. الزمن بس بيعمق ثقلها حوالين الرجل ... .. لو حسيت في لحظة انها بقت اخف .. .. بتسرع بخطواتك اكثر ... علشان تأكد ثقل كرة الحديد و هي بتشد في رجلك اكثر و اكثر .. ده اللي بيعمله الزمن .. من اللحظة اللي ادركت فيها حقيقة الغياب .. من اللحظة اللي ادرك الكحول فيها في خلايا الدم .. انه عاجز امام المعركة دي بالذات .. .. ادركت ان ده ح يفضل شيئ خاص بيك .. بتاعك لوحدك .. احمله بثقة .. بيقين انه مش ح يهرب منك ابدا .. اللقاءات في الاحلام ما بتساعدش .. ما بتقللش .. و لا بتخفف و لا بترطب .. زيها زي الزمن .. بس بتعمق وجوده اكثر ... .. بتصحي من الحلم على حقيقة الغياب .. .. على حقيقة انه عالم رحل عنه .. عالم من غير وجوده .. بتصحيك على كابوس .. ده اللي بتعمله الاحلام .. و اللقاءات في الاحلام .. ده اللي بيعمله الزمن .. و طويل .. .. .. .. طويل .. طويل .. طويل الزمن