Death ‎Story ‎ ‎قصة ‏قصيرة ‏بالعامية ‏المصرية ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏

( 1 ) 

“ ما فيش حاجة نقدر نعملها في المستشفى  مش متوفرة عندك  في البيت .. الادوية في موعدها بالظبط .. و الفانتليتر اغلب الوقت و النظام الغذائي .. اتمنى لكم التوفيق “ 
بس  كده .. ده كل اللي قدر عليه طبيب في بلد المفروض انها عالم اول .. و المفروض اني اراقب  ريني   في السرير و انتظر حكم  القدر ..  .. 
مش ح يحصل .. مش ح  افقدك يا ريني .. آلآف عبروا كوفيد  في المانيا و غير المانيا .. ليه المفروض  اني اقعد جنبك  و اراقب بعيني احتمال اني افقدك .. فيه شيئ  غلط في الموضوع .. فيه  شيئ ظالم .. شيئ  قبيح  ظالم 
الادوية  بتدخلها في فترات نوم طويلة .. و انا جنبها با راقب نومها .. لسه  وشها جميل تحت قناع  الاوكسجين .. لسه  كأن  ملامحها بتبعت رسالة سلام  للوجود كله  .. فيه  حاجة لازم اعملها .. فيه  شيئ ما لازم  اقوم به  علشان  تعبر و تعدي و ترجع  لي اجمل كمان  من  الأول .. لو ح الف المانيا  كلها .. لو ح  الف اوربا كلها .. مش قادر اتصور اني افضل جنب سريرها منتظر .. منتظر انها تخف او انها ترحل .. مش ممكن يكون ده  هو الحل .. أكيد فيه شيئ  اقدر اعلمه .. بس هو ايه  الشيئ ده .. بس  لو اعرف  ..  مش ح اتردد ثانية  في تنفيذه  ايا كان 

( 2 ) 

الفترة اللي عرفت فيها  ريني قبل  ما ادخل السجن دايما  ضبابية في   ذاكرتي .. مش فاكر حتى احنا اتقابلنا كام مرة  بالظبط .. وقتها  فكرت  فيها على انها علاقة  نسائية عابرة .. ح  نتقابل  كام  مرة  و كالمعتاد .. خلاص .. بتيجي النهاية  ...   ريني  جميلة .. ما فيش شك  في ده ..  لكن ما استقرش في عيني  حقيقة  قدر الجمال اللي بتتمتع  بيه ملامحها الا لما لقيتها قدامي  في غرفة الزيارة  في السجن .. لما  قالوا لي عندك زيارة تصورت  انه المحامي .. او اي  حد من اصدقائي المعتادين .. لما لقيتها  قدامي .. لما اتلاقت  عينينا .. دي هي اللحظة  اللي ادركت فيها اني  وقعت في حبها .. لما قعدنا  فضلنا مدة  ساكتين .. بس بنبص لبعض .. لما بدأت اتكلم شاورت  لي با ايديها  اني اسكت .. قالت لي انها مش عايزة تعرف  أي حاجة .. هي عارفة انها قضية  اتجار في مخدرات .. حشيش .. مش  افيون  و لا كوكايين و لا بودرة  و لا  حبوب ..  حكم مش  ح يزيد  عن  سنة .. المهم عندها  اللي بعد  كده 
قلت لها : “ بعد كده انا ملك  ايديكي “ 
بصت لي  و ابتسمت .. يااااااه .. قد  ايه كانت ابتسامتها  دي جميلة 
جوازنا  تم و انا  في السجن .. وقتها  لبست بدلة الفرح .. جه  الحارس للزنزانة  و خدني على قاعة  الزيارات .. القاعة  اللي ح  تتم فيها اجراءات الزواج الرسمية .. طول  فترة ما انا  في الطريق  للقاعة .. و اثناء عبوري على  باقي الزنانزين .. كل زملائي المساجين  كانوا واقفين  في فتحات  زنازينهم  .. كلهم  بيخبطوا بالمعالق على ابواب الزنانزين .. اصوات  التهاني .. و صيحات  التشجيع .. حتى الحراس وقتها .. ما كانوش  من الحراس اللي مشهورين انهم  طيبين ..  بالعكس .. كان فيهم  واحد  متهم بالعنصرية و الشر عند مساجين كثير .. لكن مع ذلك كان على وشه ساعتها  ابتسامة  و نظرة هدوء و سلام .. كل الحراس  كانوا مبتسمين لتشجيع زمايلي  و تهانيهم .. فيه حاجة  بيفرضها وجود  ريني دايما على  اي محيط  تظهر  فيه ...
الهدوء ... السلام

( 3 )

الحظر رجع تاني للمدن الالمانية .. المقاهي .. المطاعم .. اغلب  المحلات .. ما فيش قدام الجميع الا جدران البيوت .. و الانتظار .. 
مكالمة  وسام  اليومية  بقت حاجة من حاجات الروتين  اليومي المعتادة ..  وسام هو  صديقي  المصري  الوحيد  في المدينة  ..  رغم  خلافاتنا  في مسائل  كثير ..  الا ان صداقتنا صامدة صمود  حنيننا  احنا الاتنين .. لكل اللي فقدناه  و سبناه ورانا  هناك ..  مع  الاهل و الاحباب 
“ فيه حالات كثير جدا  في مصر .. المشكلة ان ما فيش  شفافية “ 
لما طال الصمت من ناحيتي  و ادرك ان ما فيش رد متوقع  مني لجملته  دي  قال ببساطة 
“ ما تيجي ننزل نتقابل .. مش لازم  نقعد في مكان .. ممكن نجيب علبتين  بيرة و نشربهم  في اي  جنينة “ 
“ الحقيقة  انا كنت عايز اقول لك اننا نتقابل فعلا .. بعد خمسة .. مامة  ريني ح تيجي و اقدر اسيبها  معاها لغاية  ما ارجع .. بس انا  في في دماغي  مشوار معين “ 
“ انا  تحت امرك .. قل لي ايه  اللي في  دماغك “ 
“ صاحبك .. صاحبك اللي اتكلمنا عنه  قبل كده .. احنا ممكن  نروح له مع نهاية  ورديته في البنك .. مش كده  ؟  “ 
مدة  طويلة عدت من  الصمت .. اطول من المعتاد  في  اي مكالمة  مع  وسام .. لما طالت  عن الاحتمال .. لقيت  نفسي با أقول : 
“ ما اقدرش  اقعد انتظر يا وسام .. لازم اعمل حاجة .. اي حاجة .. انت عارف ريني  بالنسبة لي  تبقى ايه .. ما اقدرش  اقعد انتظر احتمال  اني  افقدها “ 
“ ما تقولش  كده .. مش ح  تفقدها  و لا حاجة .. عدد  اللي  عدوا من  كوفيد   اكثر بكثير جدا من  اللي .... .. “
ما كملش الجملة .. قلت  له :
“ عارف .. عارف  كل اللي ح  تقوله .. لكن برضه الانتظار ح يقتلني .. عندي احساس غريب ان  فيه  حاجة  ممكن  تتعمل .. اني  لازم اعمل حاجة .. دماغي ح  تنفجر من التفكير .. في الاخر لقيت نفسي با افكر في صاحبك  ده .. و في الكلام اللي  احنا اتكلمنا  فيه قبل  كده  كثير “ 
فترة  صمت .. ما طالتش  المرة دي  زي المرة  اللي  فاتت .. و لقيته  بيقول  لي :
“ خلاص .. تمام .. نتقابل خمسة و نص في الكونجز بلاتز .. و نكون عنده على ستة  الا ربع  .. او ستة   الا عشرة ...  هو بيخلص  شغله على  ستة “ 

( 4 ) 

لو اي  انسان بيتسأل في  نهاية حياته .. عن احلى ايام  قضاها .. اكيد فيه منطقة عنده  في الذاكرة .. بتحتفظ  بفترة ما من عمره .. على انها اجمل ايام  العمر .. من وقت خروجي من الحبس ..  و انتظامي  في عمل محترم .. و بداية  حياتي  المشتركة  مع ريني  .. لغاية  ما ضرب الوباء  الدنيا و ضرب حياتنا  معاها .. هي دي الفترة اللي لو انا محكوم  بالاعدام و بيسألوني  احلا  ايام عمرك كانت  ايه .. ح  اقول هي  دي  بكل تأكيد ...  فيه تصور بييجي للانسان طول عمره عن السعادة .. لغاية ما بيحصل انه  بيلاقيها فعلا .. ساعتها  بيعرف ان السعادة  شيئ مختلف عن كل اللي تصوره  قبل كده .. اكبر و اعمق من اي شيئ  تصوره  قبل كده ... اهدى  كمان 
الهدوء .. ما  اجمل  الهدوء 
فاكر تفاصيل معينة ..  السعادة  لو ح نحاول نستعيد  ذكرياتها .. دايما بتلاقيها مرتبطة  بتفاصيل بعينها .. بيمسك  فيها القلب و يتشعلق .. مثلا .. لما  دخلت مرة  أوضة  النوم .. و افتكرت  بعد ما قعدت  على السرير اني  سبت  نور الصالة  والع .. جيت اقوم .. قالت لي رايح  فين .. قلت لها  نور الصالة ... لقيتها  بتضحك .. بتضحك ضحكتها العميقة .. الرقيقة  في نفس الوقت ..  بعد  الضحكة  قالت لي  و الابتسامة  لسه في عينيها  :
“  اقدر اتصور نوعية  النساء الالمانيات  اللي انت صاحبتهم .. ده  بيتك .. ما حدش ابدا مهتم انك  تقفل النور او تسيبه .. انت خلاص في السرير مرتاح .. ده  اهم من فاتورة  النور “ 
لقيت نفسي با اضحك انا كمان .. الموقف العفوي كله فكرني فعلا بعلاقات من غير دفا .. افتكرتها  في اللحظة  دي  و انا  مبتسم ..  و انا با اغوص  مع ريني اكثر .. في دفا  السرير ... 
شيئ غريب  مع ريني .. ان حتى الذكريات اللي مش طيبة  او ممتع تذكرها .. معاها  دايما بيفتكرها  الواحد و هو مبتسم .. و كان كل ده كان  في حياة  تانية .. خلاص .. انتهت .. و اللي موجود  دلوقت هو ريني .. هي  و بس ...  او ان  كل  ده حصل  لحد تاني .. الواحد ممكن  يبص لأي  خبرة   بتخصه  و هو مبتسم  مهما  كانت  مش  مبهجة ...
شيئ رائع انك تحب امراة جميلة .. و انك  تتحب من امراة جميلة .. لكن جمال ريني مش  مجرد جمال  لبنت ممكن تلفت  نظرك بالذات لو شفت صورتها  مع مجموعة  بنات ... لأ .. فيه  حاجة اهم من كده بكثير .. انه  جمال  بنت ذكية .. قادرة تلقط  التفاصيل .. قادرة  تدرك في كل  موقف ابعاد  و زوايا ما  يلتقطهاش  الا   ذهن   ذكي ...
لما با كنت  با احكي لها عن مصر بالذات  .. كنت با اشوف في عينيها نظرة خاصة .. ببريق خاص .. بريق  كنت با اشوفه دايما في عينيها و هي بتراقبني في مواقف معينة .. احساس با اعجاب خاص .. عميق .. يمكن هوه الاعجاب اللي قاد خطواتها انها تزورني في  السجن .. و احنا علاقتنا  وقتها ما كانتش في نظري  الا علاقة  عابرة .. زي اي علاقة  تانية  عابرة .. فاكر مثلا اني  حكيت لها على  ابو قردان .. ازاي انه  طائر موجود في الريف في مصر .. لكن  مع ذلك ممكن تلاقيه  في القاهرة .. او تحديدا في الجيزة .. حوالين  حديقة الحيوانات .. لما  وصفت لها الطائر لقيت في عينيها اهتمام خاص .. و الملفت هو السؤال اللي سألتهولي  وقتها .. ازاي طائر زي ده  ممكن يتواجد في منقطة معينة بالذات من المدينة .. بس حوالين  حديقة الحيوانات .. مش  في اي مكان تاني فيها ... مفهوم  انه يكون موجود  اكثر حولين الحديقة .. لكن ايه  اللي يمنعه  انه يتواجد برضه في اماكن تانية  من المدينة  ؟؟   
مرة   كنا مع بعض  في سوق الخضار و الفاكهة ..  و شفت التين الشوكي  في  واحدة  من نصبات الفاكهة ...  تين شوكي  في قلب المانيا .. لقيت نفسي  با احكي  لها  عن عربيات التين الشوكي في مصر  ... قلت  لها ان الفاكهة دي موجودة  في مصر كثير .. بس مش ممكن ابدا تلاقيها  زي هنا في سوق الخضار و الفواكه .. او  تلاقيها على نصبة   فاكهة  في محل .. موجودة  بس على عربيات .. عربيات  باعة  جائلين .. هما دول .. و دول  بس .. اللي مسموح لهم  ببيع التين الشوكي  في مصر .. برضه  لقيت في عينيها  الاهتمام .. و الابتسامة .. و التساؤل  المرح .. ايه  اللي يمنع انها  تتباع في الاماكن اللي بتتباع  فيها الفاكهة  ؟؟
نظرة  التساؤل .. نظرة الاهتمام .. النظرة اللي كنت با  الاقيها  بتراقبني بيها  و انا با احكي لها .. و خصوصا لما  با احكي عن مصر .. نظرة  حد مهتم بيك .. مهتم  انه يعرف اكثر و اكثر و اكثر  عنك .. مش الحب  في معنى  كبير من معانية .. هو احساسك  ده انك  عايز تعرف انسان  اكثر ؟؟ ما بتشبعش  من معرفته   اكثر و اكثر !! 
مرة   برضه  من المرات    جت سيرة  مصر .. و قلت لها اني  كنت با  اشوف فراشات  كثير في   القاهرة زمان .. و انا صغير .. و في  بدايات الصبا و الشباب .. مع  مرور الزمن .. لاحظت ان الفراشات بدات  تقل في القاهرة بشكل  ملحوظ جدا .. في المرة دي برضه  لقيت الاهتمام  و التساؤل .. و معاه  نظرة  مش مرحة  المرة دي .. لكن جميلة  برضه .. زي ما تكون نظرة  حنين ...  رائعة  الجمال ..  ليه بدأت  تقل ا لفراشات ؟؟ 
اما  اجمل اللحظات عندي على الاطلاق .. فهي اللحظات  اللي با شوفها فيها بتضحك  بسبب حاجة انا  قلتها .. او عملتها ... كثير .. كثير جدا .. اقول حاجة  عفوية  جدا .. او اعلق تعليق معين .. و الاقيها  بتنفجر في الضحك .. ما  اكثر الاشياء اللي في كلامي  بتضحكها .. بعد  ما بتخلص الضحكة  بتفضل الابتسامة  و معاها النظرة ..  نظرة  بتتفحصني .. يا ترى  فيه معنى تاني للوجود من غير النظرة  دي  ؟؟ 
من  اول ما عرفنا بعض و هي عارفة  اني با اكتب شعر .. جانب تاني كانت مهتمة  جدا  انها تعرفه .. با اكتب عن ايه  بالظبط .. تجاربي  كلها مع الكتابة .. بتحب مين  من الشعراء الالمان .. لما طلبت مني اني اترجم  لها اي حاجة انا  كتبتها للالماني  دورت في مخي على اي شيئ .. اي حاجة  ممكن  تترجم و تسيب اي  اثر .. ترجمة الشعر مهمة  صعبة جدا .. و معقدة جدا ... 
في الاخر رسيت  على رباعية  كنت كتبتها  زمان  .. قبل حتى ما  اقابلها    او  اعرفها   بكثير 

حبك  ده عركة و قلبي فيها انهزم 
عالقلب  مكتوب  النعيم  و الألم 
ما أندمش على  حبك  ..   و  لا   عالفراق
 اصعب  حروف  العشق  كلمة  ندم 

بعد ما ترجمت  لها  الرباعية .. سكتت .. و فضلت  تبص  لي .. تتأملني .. نظرة  ليا  في عينيها  ما شفتش  زيها  قبل  كده .. و لا  شفت  زيها  ابدا  بعد   كده   

( 5 ) 

قلت  ان فيه خلافات كثيرة في وجهات النظر بيني و بين وسام  ... مسائل  جوهرية في الحياة احنا مختلفين فيها .. رغم صداقتنا  المتينة .. علشان  كده انا متفهم صمته  الطويل لما قلت له  عن رغبتي اني اقابل صديقه  اياه .. من ضمن  اختلافتنا الرئيسية في الحياة .. ان  رغم اني اقدر اعتبر نفسي  اوبن مايندد  في مسائل كثير ..   هو في الحقيقة  يمكن وصفه انه  اوبن مايندد   اكثر من  اللازم .. او ده  على الاقل كان رايي  قبل مؤخرا .. من ضمن الحاجات اللي سايب وسام نظرة  مفتوحة ليها .. هيا مسائل من نوع  ان الفامبيرز  ممكن يكونوا موجودين في الواقع .. قصة   دراكولا كانت  اول قصة مشهورة عن الموضوع .. لكن وسام  ممكن يقعد معاك لساعات يحكي لك عن فكرة مصاصي الدماء  و تأصلها في ثقافة اوربا الشرقية .. و ان الموضوع  ممكن في الواقع يكون حقيقي .. مسائل كثيرة من هذا النوع .. عن امور  فوق طبيعية .. موجودة و ان كانت اسرارها غير معروفة .. من ضمن المسائل  اللي حكى لي عنها .. ان فيه  نوع من البشر .. هما في الحقيقة ممكن ما يكونوش بشر على الاطلاق .. منهم ناس بتعيش لمدد حياة تفوق الخيال .. منهم ناس قادرين على تغيير اشكالهم .. الخلاصة ان فيه معانا على هذا الكوكب .. ناس شكلهم زينا .. لكنهم في الواقع بتحكم حياتهم قوانين غير اللي بتحكم حياتنا .. من ضمن هؤلاء .. ناس ممكن تلجأ ليهم لو عرفت حقيقتهم .. تلجا  ليهم لحل مشكلة معينة .. مسألة  حياة او موت .. و هما قادرين انهم يعبروا بيك المشكلة  دي ... لكن فيه في المقابل تمن .. تمن ممكن  تدفعه .. ح  تمشي في حياتك عادي جدا ..  و تعبر في طريقك الحياتي كالمعتاد .. و ممكن حتى تنساهم  تماما و ممكن ما حدش فيهم يطالبك با اي شيئ .. لكن ... لو ظهروا  في حياتك تاني .. و طلبوا منك شيئ .. لازم تنفذه .. شيئ في مقدورك انك  تنفذه .. و مافيش اي خطورة  عليك من تنفيذه  لا انت و لا  اي حد بتحبه ... لكنه ممكن يكون شيئ غير مريح عمله .. جريمة مثلا من اي نوع ... ياما  اتكلمنا انا و وسام في الموضوع  ده .. انا كنت واخده على اساس انه موضوع خرافي  مسلي .. لكن  وسام كان مؤمن بالمسألة  تماما .. ممكن يقعد معاك و يشرح لك بالتفاصيل .. هما مش حاجة  زي فاوست .. ح يطالبوا بروحك .. لأ .. الموضوع  بسيط .. خدمة قصاد خدمة .. اذا نفذوا  لك ما تريد .. يبقى لابد تنفذ  لهم طلبهم ايا كان  اذا جاء الوقت و كان  لهم طلب  عندك .. و الا .. 
تدفع  الثمن .. الثمن  ممكن وفقا  لوسام  يكون غالي  جدا ...
“ ازاي عرفت كل ده “ 
سألت  وسام  مرة ... قال لي :  “حد حكى لي زي ما انا با احكي لك”
و قال لي كمان ان  في الواقع  فيه  واحد من الناس دي عايش معانا هنا في المدينة .. لو ركزت في عينيه .. ممكن  في لحظة تلاقيها انها مش مستديرة  زي عينينا .. و انما زي مستطيل بالطول .. للحظة  عابرة و بعدين ترجع  شكلها يبقى عين عادية .. 
و في  مرة من نزهاتنا في المدينة خلاني اشوف  الشخص ده .. شخص عادي ..  في منتصف العمر ..بيعمل  ورا  الكاونتر في بنك  البوستة  ... وسام  اكد لي انك علشان  تكلمه بشكل مباشر و تبين  له انك عارف حقيقته .. ده  ممكن يكون خطر عليك  جدا .. حتى لو عندك  طلب .. لازم تشرح  له الطلب و تنفذ  اللي يقولك عليه .. كل  ده من غير ما تتكلم مباشرة .. انه  شخص غير باقي  الناس .. و انك بتدخل في  تعاقد مع طرف مختلف  عن باقي الناس .. سألت مرة  وسام :
“ طيب  ليه ما بتطلبش انتا منه اي طلب ؟ انك تبقى ملونير مثلا ؟  “ 
قال لي  الرد ببساطة  :
“ فيه شيئ ممكن ينطلب  مني في يوم .. ما اقدرش اتعايش مع موضوع  انه ممكن في يوم يطلبوا مني اني اقتل مثلا “ 
كنت دايما با اقول  له  و انا با اضحك : 
“ انا متصور انهم ما عندهمش اي مشكلة  في الحفاظ على سرهم .. اي شخص يسمع الكلام  ده ح   يقول  ده  كلام  مجانين “ 
حقيقة  اني عايز انزل  اقابل الراجل ده النهاردة .. بتقول  لي اني ممكن اكون  بدأت افقد عقلي فعلا ... مش ممكن  افقدك يا ريني .. ده الشئ  الوحيد اللي انا متاكد منه  في الدنيا .. اي  شيئ تاني  اضافات و هوامش 

( 6 ) 

بعد  الاكل  بيبقى ممكن انها  تخلع الفنتليتر .. و اشوف وشها  الجميل من غير قناع  الاوكسجين الخانق ..  ما متها   فضلت معاها طول  فترة بعد الظهر .. وقالت انها ح تفضل معاها   بكل سرور  طول فترة  المساء لغاية  ما ارجع .. ضغطت  على ايديها 
“ مش   ح اتاخر .. بس وسام محتاج لي  في حاجة بسيطة  “
افضل شيئ في موضوع اني ما اقدرش اكلمها الا و قناع  مخصوص على   وشي   .. انها ما تقدرش تشوف حالتي .. ما تقدرش تحس باللي  بيتهد دقيقة بعد دقيقة  جوايا .. لكن .. هيهات .. لقيتها  بتضغط ضغطة خفيفة على ايدي .. و بصت  لي بصة عرفتني انها شايفة  بالكامل كل العذاب  اللي انا با اعيشه ..   غصبا   عني  نزلت   الدموع 
لما شافت دموعي بدأت تتكلم رغم صعوبة الكلام : 
“ كل حاجة  ح تبقى  تمام .. ح  تعيش .. و ح  تفتكرني .. و ح  تفتكرني بسعادة .. ما  تخلينيش
 احس ابدا اني جبت التعاسة  لحياتك “
حسيت  بخنجر بيتغرس في قلبي .... مدهش القوة  اللي في قرار صوتها .. رغم  اني سامعها بالكاد .. شفايفها بتتحرك و عيني بتسمع  كل كلمة  بتقولها  قبل  وداني ... 
“ مهما حصل  مش ح  تروحي اي مكان .. ح  تفضلي هنا معايا .. حتى لو جسد  من غير روح .. ح  تفضلي معايا .. مش  ح  تاخدك  قوة مني “ 
ما بقيتش عارف  ايه  اللي يصح انه   يتقال  او  ما  يتقالش   .. اللي بيجي عالبال  بيتقال .. و فعلا ده  اللي انا حسيته ساعتها   ... عايزين  ياخدوها مني ؟؟  و دفن و جنازة و مقابر .. مستحيل .. على جثتي انا  شخصيا ...
لقيتها  بتبتسم ... و بتقول  بببساطة  :
“ و الريحة  تطلع .. و الجيران يبلغوا البوليس “ 
رديت من غير تفكير : 
“ ح احطك في الديب  فريزر لو لزم  الامر “ 
ده خلاها  تضحك .. رغم  الالم اللي واضح ان الضحك  بيسببه  لصدرها  المنهك ... افتكرت قد ايه  بيضحكها   كلامي .. انغرس الخنجر في قلبي اعمق  و اعمق  .... 
خرجت للشارع  و لسع  البرد   وشي المبلول  بالدموع .. مش فاكر بالظبط انا قلت لها ايه   في آخر الكلام ... حاجة  من نوع :
“ ح نعيش لغاية ما نجوز احفادنا “ 
ما سبتهاش  الا  لما غمضت عينيها و راحت في النوم تاني ... ما فيش  قوة ح  تاخدك مني ... ما فيش قوة على سطح الارض .. مسموح  لها انها  تاخدك  مني 

( 7 )

وسام نبه عليا ميتين  مرة  اني ما اتكلمش معاه بشكل صريح و مباشر .. بس اشرح  مشكلتي و انتظر اسمع  رده .. قلت له  اني فاهم و كررت .. و مافيش فايدة .. بيكرر التنبيه تاني .. شيئ غريب في سلوك وسام .. لأول مرة لقيته  بيقول لي خللي الموضوع  زي فال كويس .. او حاجة لرفع  المعنويات .. ما تصدقش  فيه قوي .. مش ده الموضوع  اللي انت اكدت لي مليون مرة انه حقيقي  و انا  با اسخر و با اتريق ؟؟  و الغريب اكثر  انه  رغم  كده .. كان باين عليه حاجة قريبة  قوي من الرعب .. زي ما يكون لأول مرة بيواجه شبح هو نفسه كان بيتكلم للناس عن وجوده و بيؤكد هذا  الوجود ... فضلت مستني في العربية  زي ما نبه  عليا .. بعد فترة حسيت انها طويلة جدا .. اعصابي فيها  اتحرقت .. مع ان ممكن  في الواقع ما تكونش زادت عن عشر دقايق .. لقيت وسام بيفتح باب العربية  الخلفي .. ركب الرجل  .. لو صح  كلام وسام .. فمش عارف اذا كان  لفظ  رجل او انسان توصيف  صحيح .. ركب في الكنبة الخلفية .. و رجع وسام لمكانه  في الكرسي ورا  الدركسيون ... 
دخلت  في الموضوع على طول و من غير ما افكر في الكلام : 
“ مراتي بتموت ... فيروس الكورونا ... عندي استعداد  لأي  تمن .. لأي شيئ .. بس لو فيه  اي حد ممكن يساعدني انقذها “ 
سكت الشخص لفترة صغيرة ... و بعدين قال  با المانية  با  اكسنت   عمري ما سمعته  قبل كده .. مع  لدغة في   الإس   : 
“ مش لازم  كل معروف  يبقى له  تمن .. لكن مستحب ان اللي بيطلب مساعدة  الاخرين .. يكون هو نفسه  على استعداد لمساعدتهم  لو طلبوا “ 
رديت بلهفة  : 
“ طبعا .. طبعا .. كلامك مظبوط “ 
بص الرجل  لوسام و قال له : 
“ اطلع عالعنوان اللي انا ح اقوله  لك .. ده عنوان  بيتي “ 

( 8 ) 

بعد ما وصلنا للعنوان اللي قاله الشخص ده لوسام .. فضلنا مستنينه  في العربية لفترة بسيطة .. بعدها رجع و معاه  عقدين  مربوط  في كل عقد فيهم نوع غريب من الزهور ... زهور ريحتها غريبة  جدا .. مش ريحة  كريهة .. لا .. نهائيا .. تقدر تقول انها زهور بعطر بعبق  جذاب .. جذاب   لكن غريب في نفس الوقت ..  ريحة  حادة بتغوص في قلب الحواس ... بعد  اسئلة  و  ردود  و استفسارات  و اجوبة   و اخذ  و رد  مني و من وسام  كمان   
ملخص  كلامه  كان  الآتي  : 
“  العقدين دول .. تحط واحد حوالين رقبتك .. و واحد حوالين  رقبة  مراتك  ... تخلع عنها اي 
فنتليتر او قناع  اوكسجين  .. و انت كمان .. تشيل اي قناع من على وشك ... و العقدين  حوالين رقبة  كل واحد فيكم .. تقرب وشوشكم من بعض .. و تتنفسوا نفس الهوا المعبق بريحة العقدين ... مش مهم  تكون صاحية ساعتها او نايمة .. المهم  تفضلوا با انفاسكم في مجال العقدين انتوا الاتنين لمدة  ما تقلش عن عشرين دقيقة .. بعد عشرين دقيقة انت ح تحس بطاقة معينة بتطلقها رائحة الزهور جواك .. .. ساعتها ح تعرف ان كل شيئ على ما يرام .. تقدر ساعتها تنزع  العقد عن رقبتها و رقبتك .. تقدر تحتفظ  بالعقدين  او  لا .. مافيش  فرق ... المهم في خلال  فترة بسيطة ح تلاقي  حالتها بتتحسن بقفزات كبيرة .. لغاية  ما ح تشفى  تماما “ 
تركنا  و نزل  من العربية  و اتحرك وسام  بيها  من تاني  ناحية  بيتي .. طول الطريق و هو بيوصلني و احنا ساكتين .. لما ركن بالعربية  قدام عمارتي .. و انا با اسلم  عليه  ...  لقيته متردد انه يقول حاجة ...  لغاية ما نطق  في الاخر : 

“ يا صاحبي كويس انك تحس بحاجة  بتديك الامل .. انما ارجوك .. حط في بالك ان الموضوع  كله ممكن يكون .... “
ما كملش كلامه .. لقيتني  با امسك  نفسي  بصعوبة من اني اتنرفز و ازعق  فيه ... قلت بهدؤ على قد ما قدرت  :
“ يكون ايه ؟؟  هجص .. كلام فارغ .. مش انت اللي بتدعوني من سنين اني اصدق قصصك .. جاي لي و انا با اتعلق با لامل لأول مرة من ايام  طويلة عصيبة .. جاي تقول لي ما تصدقش” 
 تاني   نظرة  الرعب  في  عينيه .. و  معاها حاجة  المرة دي .. زي  اشفاق .. او استغراب .. شيئ  كده بين الاستغراب و الشفقة  .. بعدها  لقيته بيقول  مع تردد  بسيط قبل ما  ينطق : 
“  لا  ...   صدق .. صدق و اطمئن .. ريني ح  تخف و ح تبقى زي الفل  المهم تعمل اللي طلبه  منك  بالحرف  ... المهم  بعد  كده ... “ 
سكت   تاني  ....     و  تاني  لحظة  تردد  .. و  نظرة غريبة  في  العين ... و بعدها  لقيته بيبتسم  و بيقول بثقة :  
“ ما  تشغلش بالك بأي حاجة  تحصل  بعد كده .. المهم .. حط  العقدين  اللي هو عطاهم  لك .. بالظبط  زي  ما قالك ...  حطهم  و مش ح  يحصل  بعد كده  الا كل  خير .. زي ما  قلت  لك ..  و زي ما هو كمان  قال  لك .. ممكن جدا  تكون خدمة من غير مقابل .. ممكن  جدا ما تسمعش خالص من الراجل  ده او اي  حد من طرفه ابدا  بعد كده ... خللي معنوياتك مرتفعة  و كله  ح يبقى تمام “ 

( 9 ) 

لما دخلت الشقة كانت مامة  ريني نايمة و هي  في قعدتها على  الكنبة .. يبدو انها فضلت  قاعدة  لغاية ما غلبها النوم .. قلت  لها   انها تقدر تروح دلوقت .. قالت لي اطلبها فورا لو احتجت  اي حاجة .. و هي ماشية  لقيتها  فجأة بدون اي مقدمات  بتقول  لي :
“ ريني طول عمرها نظرتها و حكمها  عالناس صح .. دايما  بيطلع تقييمها للبشر صح ..   لازم  اعترف  لك  انك من  الناس اللي اختلفت معاها عليهم  في  الاول  .. و برضه  طلع  حكمها صح “ 
ما اعرفش كانت مستنية  اني ارد  و اقول  حاجة .. او اني بالفعل  كان لازم ارد و اقول حاجة .. اللي حصل اني فضلت  ساكت ..  زي ما اكون مش لاقي طاقة على اي كلام ... و اخيرا  القت تحية المساء و خرجت من باب الشقة .
دخلت الاوضة   من غير قناع عازل ... كانت ريني على وشها  الفنتليتر .. بصيت على الجهاز .. لقيت النفس في معدل طبيعي مش محتاج  اي مساعدة  تقنية ... شلت الفنتليتر من على وشها و  قعدت  على الكرسي  جنب سريرها .. .. و من  غير قناع  ... اول  حاجة احسها  صح من  فترة  طويلة .. انا  و هي  بنتنفس  نفس الهوا .. من  غير قناع  على  وش اي  واحد  فينا ... 
طلعت العقدين .. لبست واحد منهم حوالين رقبتي .. و لبست ريني العقد التاني .. مسكت ايدها  ... و تاملتها  و هي  مستغرقة في النوم ... و انفاسنا بتمتزج  بحرية  ... امها قالت ان حكمها دايما على الناس صحيح .. ايه  اللي  ممكن يحصل  لو فعلا  انطلب  مني  اني  أقتل   في يوم ... قالت لي   في غرفة الزيارة  في الحبس : “ مش  مهم اي حاجة  فاتت .. المهم اللي جاي “ 
.. يا ترى ح  اقدر دايما  ابص للعنين  دول و اتملا  فيهم  للابد    ... و  الا ح  يجي اليوم  اللي  ح يخنق الخجل  نظرتي    .... قالت  لي : “المهم اللي جاي” 
و ليه  اللي  جاي دايما  بيسرق  اللي في  ايدينا   ؟؟؟؟  .... 
كل  ده  مش مهم ... و مش  مهم اي حاجة  تحصل  بكرة ... المهم  انك  تبقي  لي .. المهم  ان بكرة  ما ينفعش  للحظة واحدة  من غيرك .. ح  نعيش سوا لغاية ما يجيب بكرة  كل  اللي  في ايديه ... ح  نروح  مصر انا و انتي ...  ح   نتمشى في  شوارع مصر و ايدينا  في ايدين بعض .. و ح  تسألي  ابو قردان  بنفسك ... ح تسأليه    ليه ما بيسكنش  في اي مكان في القاهرة الا  حوالين جنينة  الحيوانات ؟؟  .. و ح   تسألي  بياعين التين الشوكي ..  و الفكهانية .. ليه  ما بيتباعش التين الشوكي في مصر الا على العربات  الجائلة    ؟؟؟  ..  و ح  تسألي الشوارع  عن الفراشات ...  و ليه  بتقل  الفراشات  في   القاهرة ..  مع  مرور الزمن   ؟

قبل ‏نهاية ‏العالم ‏

واسع  المكان اللي  سبتيه في القلب

آثار خطواتك لسه سايبه معالم في الروح

هل هزمتيني الهزيمة النهائية و الكبرى في الحياة

لما بدأت ادرك ان النسيان مستحيل ؟

و بدأت اتعايش مع طيفك في الخيال

و هو بيشاركني القهوة و اللقمة و الخطوة و النفس ؟

ام ان الهزايم هي اللي كانت متراكمة

حتى قبل ما نلتقي

و قفت في طريقي مع بداية خطواتي لقلبك

حطت المشوار في حجم ثابت

عملت سد و نهاية للسكة

من قبل حتى ما تبدأ

با افتكر كل ده لأن النهاردة بالذات

ادركت و وثقت اخيرا من حقيقة

اعتبرتها و لاول مرة يقين ثابت

و هي انك فعلا حبتيني في يوم

فعلا كانت امنيتك الاكبر في الدنيا

ان حياتنا تكمل لنهايتها مع بعض

مش مهم تعرفي اسباب و لا خواطر و لا ذكريات

وصلتني في النهاية لليقين ده

المهم انك تعرفي ..

ان هذا اليقين ..

... كان مؤلم فعلا

مؤلم بحجم الالم اللي اتمنيتي انه يوصلني في يوم

فليرتاح ضميرك

و ليرتاح الى الابد امام الروح صمتك

كان الادراك مؤلم جدا

خصوصا و احنا في آخر ايام الوجود

و انا با اجهز نفسي مع بقية الناس لمواجهة نهاية العالم …

وحيدا .

‎ ‎كلنا ‏غلطنا ‏في ‏حقها ‏...... ‏رانيا ‏


                                                         (  1  )
لما وصلت عربية الدكتور للمنطقة .. 
و اتعرف بالتأكيد مكان زيارته .. 
الشقة اللي دخلها و جاي لمين تحديدا .. 
كثرت التحليلات و الاجتهادات بين الجيران .. 
و الشباب على النواصي .. 
اسخف اللي اتقال وقتها هو موضوع محاولة الانتحار .. 
ما اغباها من فكرة  .. 
خصوصا  للي يعرف بجد  مين  هي رانيا .. 
طبعا ممكن حد يقول ببساطة .. 
ان اللي بيعشقوا الحياة بجنون .. 
هُمَّ اكثر الناس عرضة لسيف الانتحار العشوائي .. 
ممكن ده يكون صحيح نسبيا .. 
لكن مش في حالة رانيا .. 
معاها بيظهر الانتحار زي شيئ عادي و مكرر .. 
طبق معتاد على سفرة الحياة .. 
و ابعد حاجة عن رانيا انها تتورط في شيئ عادي و معتاد ..  
مع ان اللي يعرفوها كويس .. 
ممكن يوصوفوها با انها ملاك للتلقائية .. 
مرسل علشان يرجع للتلقائية سحرها في عيون البشر .. 
الوصف ده بالذات اطلقه عنها واحد من شعراء المنطقة .. 
و علق لسبب ما مع الشباب و بدؤا يرددوه .. 
رغم كل ده .. 
بيبدو الانتحار شيى عادي جدا قصاد كل اللي بتثيره رانيا حواليها .. 
منطقي جدا .. لدرجة انه مش لايق يتحط معاها في سياق واحد .. 
و الحقيقة انها كانت زيارة من الدكتور .. 
بعد تعب مفاجيئ .. 
اللي حضروا زيارة الطبيب من اهل و جيران .. 
منهم اللي سرب بعد كده كثير من التفاصيل .. 
اللي اتقال انه كان كشف بالسماعة و مقياس الحرارة و كل المعدات الطبية الاولية .. 
و بيتقال كمان ان رانيا شرحت للدكتور اللي هي حاساه بالظبط .. 
اما اللي كثر فيه القيل و القال بجد فهو رد فعله .. 
رد فعل الدكتور اللي معتاد على الالم .. 
اللي بينه و بين الالم عشرة و عمر و تجارب .. 
بيقولوا انه ظهر على وشه تعبير شبه الاعتذار .. 
اعتذار عميق .. من نوع الاعتذارات اللي بيحسها الناس امام ضحايا ليهم من ذنوب مفروضة ماكانش ليهم في ارتكابها اختيار  .. 
و بيقولوا كمان انه قالها : انتي حرة .. 
تقدري تعملي كل اللي نفسك فيه .. 
و انه كرر الجملة اكثر من مرة .. 
انتي حرة .. 
اعملي كل اللي نفسك فيه  . 
                                                   (  2  )
كأن قصايد النثر اتخلقت مخصوص علشانِك .. 
ليكي انتي .. 
في اتجاهِك .. 
بتسبح الروح في بحر الشعر من غير اطواق نجاة .. 
من غير اشرعة و لا بوصلة و لا مجاديف  ..  
ما اشبه الوزن و القافية بعكاكيز بنتعكز عليها  على ارض الشعر الوحشية .. 
معاكي انتي بيرمي القلب كل احتراساته .. 
بيدخل سراديب الشعر الخطرة من غير تردد .. 
مش بعيد ابدا اني افتكرِك كل ما احس ان تقل المسافة بيني و بين بيوت الصبا بقت فوق طاقة الاحتمال .. 
كل ما بتحضر الغربة .. 
و ما تبقاش مجرد كلمة .. 
بتبقى كلمة و سكن و مصير .. 
مش بعيد اني افتكرِك كل ما يوحشني بيتنا .. 
انتهى من زمن الامل في استحقاق حُبك .. 
صدقيني خلاص .. 
ما بقيتش الفكرة بتخطر على بالي اصلا .. 
اني استحق حبك ده كثير جدا .. 
و تضحياته صعبة جدا جدا .. 
لكن ما زال الامل موجود في نظرة منِك .. 
نظرة واحدة احس فيها .. 
بالونس القديم . 
                                                      (  3  )
كلنا غلطنا في حق رانيا .. 
ما فيش من شباب المنطقة حد حلم بحبها .. 
الا و لبسها في خياله زي ما هو عايز .. 
ملاية لف و يشمك .. 
او فستان بصيحة اخيرة باريسية .. 
ما تفرقش كثير .. 
كلنا انتظرنا منها انها تلبس و تمشي و تحلم على مقاسنا احنا .. 
شعراء الحارة  بالذات  .. 
كانوا اغبى الجميع في تقييد رانيا بخيالاتهم و احباطاتهم .. 
و في النهاية .. 
كتبوا فيها قصايد اقرب للهجاء منها للغزل .. 
تفضلوا على رانيا با الالم و كأن الالم ميزة من غيرها .. 
مش ح يكتمل جمالها .. 
با اعدي على الايام .. 
و بيتأكد لي يوم بعد يوم .. 
ان مش فاضل بجد غير الامل .. 
ان تيجي اللحظة اللي اقف فيها قدامها .. 
لحظة .. في يوم .. 
تيجي لي الفرصة اني اشرح لها كل اللي فاتني في غرامها .. 
و اطلب السماح .

ايزيس ‏.. ‏ايزيس ‏.. ‏الحلم ‏و ‏المصير ‏


في الحلم – 1 
                                                                   ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
و كأني في زحمة حياة و مشاغل .. 
ايام طويلة بين كل جلسة  كاس و التانية .. 
و الفراغ  في الصدر  بيزيد  ..
و الضحكة  بتملا  الوش ساعات .. 
من غير ما تقرب  ناحية العين .. 
الا  و يظهر  لي .. 
ايه  ممكن يكون اسمه ؟ 
طيف ؟؟ 
خيال ؟؟ 
ازاي ممكن يكون طيف او خيال اذا كان دبته  في الدم مسموعة ..  
رقصة القلب  قدامه  محسوسة .. 
 سبت  كل حاجة  و عبرت  لك  عوم .. 
عديت بحور و محيطات .. 
و زي الخمرة  ما بتلمس المية  تغيرها .. 
لمستك  غيرت  المسافات .. 
بقيتي انتي و الرحلة و  الوجود  شيئ  واحد .. 
و في اللحظة اللي تصورت اني وصلت اخيرا .. 
انك ح تحضري  فورا  قدام العين .. 
بكامل طاقة الحرية اللي بتفجرها في القلب نظرتك .. 
لقيت  المسافات تاني قدامي  بتزيد .. 
و لقيتك  شيئ .. 
 عجيبة لمسته في الروح .. 
طيف .. 
او خيال . 

في اليقظة  - 1 
                                                                    ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
فريسة للوحدة و القلق با اصارع الافكار .. 
ما اجملها  و اروعها من  فكرة .. 
النوم من غير احلام  و لا اشباح .. 
بس  مجرد  جسد منهك بيرتاح .. 
كل اللي اثاره صوتك في لحظة جوايا .. 
بيحاصرني و انا مشغول  بغيابك .. 
زمان دورت عليكي في عيون كل بنت ابتسمت  لي .. 
غصت  وراكي ..
ادور عليكي في كل  كهوف  المتعة .. 
في كل منازل الشعر  و الالم .. 
 في كل طاقة فرح .. 
كان بيفجرها اكتشاف هدايا الجسد  .. 
النهاردة  ح اعمل ايه و  ما فيش احضان  بتلمس  غير الفراغ .. 
ما اسهل اني اتلاعب بحروف الشعر و احاول اجمل كلمات بتتعامل مع حقيقة غيابك  .. 
ما اسهل الكتابة عن صباحات مش فاضل من الكؤوس المرمية  فيها  ..  لا   اثر   لا  سكر  و  لا   لسعادة .. 
 اما الصعب  بجد .. 
فهو التعايش مع فكرة خلود من الغياب .. 
زمن ممتد  ممتد .. 
ما فيش فيه الامل بلمستك من تاني . 

في الحلم – 2 
                                                                      ,,,,,,,,,,,,,,, 
لمسة  حياة ..  زي ابتسام الغرام
 تعبر على الانفاس .. في  طيف  او منام 
تصحيّ  في الايام  اثر   لمستِك 
و انشاله  تخلص  بعدها الاحلام 

في اليقظة – 2 
                                                                        ،،،،،،،،،،،،، 
مش فكرة  او صوت في الخيال  و انكتم 
لمسة ايزيس و لا  ايد  تداوي  الالم 
 للي عرف  لمسة  ايزيس  في الصبا 
من غيرها  يتساوى الوجود و العدم 

في الحلم – 3
                                                                    ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
با اتورط  في  النوم من تاني  .. 
بيقع الجسد  اخيرا .. و  تفرض الاحلام وجودها بكل ما يسكنها من اشباح .. 
با اصرخ في الحلم  زي ما صرخت كثير في الحياة .. 
عايزة  ايه دليل و اثبات اني هنا في هذا الوجود بس علشانك ؟؟ 
ايه اللي ح يرضي غرورك و جبروتك ؟؟ 
 و انتي اللي عديتي على كل التواريخ و العصور  براس بتسابق السما .. 
و نظرة  بتبص على الوجود من فوق .. 
ايه اللي ح يرضيكي اكثر  من اعلاني الواضح و الصريح و النهائي .. 
اني جيت هنا بس علشانك .. 
اتنفست و عشت و اتكلمت .. 
و ما فيش معنى لاي حاجة من دي  الا في حضورك .. 
با اصرخ في الحلم زي ما صرخت في اليقظة  كثير و الروح بتصارع حقيقة  غيابك .. 
با اصرخ و با  استغيث .. 
يا  تحرري الروح من قبضتك  و تيجي الراحة  اخيرا .. 
يا تحضري في الروح بكامل كيانك .. 
تحضري بكامل تألقك و يحس  القلب من جديد لمستك .. 
و  كالعادة تغيب الصرخة مع الاشباح   .. 
و  يتخنق الحلم  بالغياب  . 

في اليقظة  - 3 
                                                                ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
و  كالعادة با اصحى في الصباحات اللي ما ارهقنيش قبلها النوم با احلام صعبة  .. 
بيخطر  على بالي فطار  و قهوة .. 
 و جولة  صباحية بريئة  .. 
ابتسم فيها  للوشوش المبكرة  .. 
يعترف  القلب بالحقيقة احسن .. 
 ان الهدف النهائي من الجولة هو البحث عن ملامح ايزيس في وشوش البنات .. 
الشوارع مليانة و الخطوات النسائية  بتسكر الارصفة .. 
مش بعيد تفاجأني نظرة ايزيس من غير انتظار .. 
عميقة .. عميقة في سواد العين .. 
او خضارها او زرقتها  .. 
عارف كويس احساس الدروايش اللي بيجوبوا  الطرقات بالنداء  .. 
انا عارف و انتي عارفة  .. 
ابدا ..ابدا .. 
مش ح يعرف القلب لمسة عشق بعدك .

تايتانك ‏

 
                                             1
بيتقال ان الفرقة فضلت تعزف و السفينة بتبلعها المية ببطء .. 
ايه اللي خلا العازفين يستمروا في العزف رغم قبضة الموت اللي بتحاصر و بتضغط ؟ 
الرغبة في الاحساس ان كل شيئ عادي و طبيعي رغم حصار العدم و النهاية ؟  
محاولة القلب الامساك بشيئ مألوف و محبوب بعد ما ضاع و انهار كل شيئ ؟ 
و كأننا كلنا النهاردة عازفين بس في تيتانك  اكبر .. 
في بحر اعمق و اخطر  .. 
كلنا بنبتسم و نضحك ..    و نلعب و نتسوق  و نراسل اصحابنا بالتيكست على الواتس آب .. 
و كأن كل شيئ عادي و طبيعي .. 
و كأن العدم و النهاية دي كلمات  في الحواديت مالهاش في الحياة الحقيقية اي معنى .. 
و كأن  الحياة  على الكوكب ده  .. 
فاضل لها  لسه  دهور و   قرون  و  الفيات  .  
                                          2 
 اكثر حاجة  تذكرها مريح ليا في كل اللي مرتبط  بميلادي هو حقيقة اني اتولدت على البحر  .. 
فيه تذكار بيسيبه البحر في عيون اللي بيتولدوا على شواطئه  .. 
و تجبرهم الدنيا على الرحيل .. 
 بعيد  ..  بعيد  عنه  .. 
تذكار  غويط .. 
اثر على الجبين اعمق من اللي بترسمه ريشة القدر .. 
ده اللي بيسيبه البحر جوانا و على وشوشنا .. 
احنا ابنائه اللي خطفتنا الايام من بين ايديه .. 
النهاردة بيعلا البحر با امواجه و يستردنا  .. 
بيبلع الارض و الوجود  .. 
جميل  زي ما انتظرناه طول اعمارنا  .. 
بوضوح و بجرءة  .. و من غير اخذ الاذن  من حد .. 
بياخدنا في حضنه احنا المولودين على شواطئه .. 
مرة اخيرة .. و للابد . 
                                              3
جميلة كانت اسكندرية في الشتا .. 
 كأنها بنت مثيرة بيطير  هوا البحر  شعرها برعونة .. 
 هل فيه طريقة نقدر  نوصل بيها لمخلوقات تانية جديدة   ح تسكن الارض بعدنا .. 
ان كان فيه مكان  اسمه كامب شيزار .. 
و كان فيه فصل اسمه الشتا .. بيسبب شعور صعب اسمه البرد .. 
كان ممكن في المكان ده  فى الفصل  ده صباحا .. 
تفطر عيش فينو سخن مع القشطة .. 
و تشرب كوباية لبن ساخن دايب فيه العسل الابيض .. 
و تبتسم  لك بنت جميلة و انتا بتحكي لها على ذكرياتك و البحر قدامكوا  ممتد  .. 
و ينتهي ساعتها و يتبخر و يتلاشى .. 
اي  معنى في  الوجود  للبرد . 
                                           4
كان لمين اللحن اللي بتعزفه  الفرقة و المحيط بيبلع السفينة ؟ 
لشوبرت و الا موتسارت و الا بيتهوفن .. 
تفصيلة تانية غايبة و غامضة في زوايا التاريخ .. 
يا ترى مهم اسم الفنان اللي ودع مع انغامه الناس الدنيا ؟ 
يا ترى مهم الفن اصلا قدام قسوة حقيقة النهاية ؟ 
و ايه  معنى اعمارنا اللي رميناها على اعتاب الفن .. 
و اسم الفنان  هو اول حقيقة  بتتنسي .. 
اول ما يعلا الموج . 
                                                 5 
ح تيجي اوقات اجمل .. 
 ح  نعبر بالاشرعة   لبحور اوسع .. 
و حتى لو كان اجمل يوم في حياتنا خلاص بقا ورا ضهرنا .. 
حتى لو عبر شراعنا اجمل بحر ممكن تشوفه عنينا .. 
مش بعيد يجي يوم تلاعبنا فيه الذاكرة من تاني ..  
و تهدينا من غير توقع و لا انتظار .. 
اجمل .. اجمل كنوزها .

في زمن الكورونا .. الحب و اشياء مثله

( مجهول ) 
بيطلق المجهول الصمت على الشوارع .. بيحتمي الخوف بالبيوت و يستخبى في اركانها .. يتمدد في اوقات الوجبات على الموائد .. و تسكت سفرة العشا قدام ضجيج الاحتمالات في الاذهان .. و تتعكز فينا الوحدة على الساعات و الدقايق .. و تعبر بهدوء .. با احط علامة القلب على بوستات الاصدقاء 🧡 بينما القلب نفسه بترتعش فيه الأسئلة .. و بكرة واقف قدامنا زي صديق حاطط ايديه ورا ظهره .. حاجات كثير نسيتها الشوارع في ارواحنا و هي بتنسحب من حياتنا و تفضي نفسها من الاقدام و الخطوات .. ما زالت الابتسامة حية في العيون .. ما زالت الكؤوس بتلمع فيها السوائل الباردة .. و لسه بتتشبر في دفء الظهر و تشاكس العطش .. ما زالت الطيور بتهمل بالكامل وجودنا .. و ما زالت مؤقتة جدا حوادث الايام .. لم تتغير فعلا اشياء كثيرة .. حقيقة مدهشة جدا في وضوحها .. ما زال العقل بيعصى الضمير .. و ما زالت سخيفة جدا كلمات زي العشق و الحقيقة و العذاب و الراحة .. من و احنا صغيرين و احنا عارفين كويس ان بكرة مستخبي دايما ورا الستارة علشان يخضنا .. نصارح نفسنا بالحقيقة احسن : لم و لن يتغير شيئ ... ....... .......... ....... اومال ليه بيحس القلب بحنين قدام الاعيب الذاكرة ؟ و ليه شكل شوارع الماضي .. الماضي القريب جدا .. اجمل قدام خيالنا كثير ؟ 

(اشباح) 
ما فيش ما هو اكثر سذاجة من انك تتصور ان فيه اشباح بتستخبى في الخرابات ان فيه عفاريت ممكن تطلع لك في الغيطان الضلمة او الزوايا المهجورة مش معنى كده ان ما فيش اشباح او عفاريت تصور لا يقل سذاجة عن تصور وجود الاشباح في الغيطان و الخرابات و الاماكن المهجورة انك تتصور ان ما فيش اشباح او عفاريت نهائيا حتى صلاح جاهين ما انكرش لابنه وجود الاشباح لكن حذره انه يخاف منها و لقنه ح يقولها ايه بالظبط لو ظهرت له اللي اشفق صلاح جاهين على ابنه من انه يعرفه في مطلع مبكر من العمر هو مكان تواجد الاشباح النوم هو المكان اللي بتنتظرنا فيه الاشباح بعد انتصاف العمر و كل مرة بيهب فيها عفريت في وشك في الحلم دايما بيهرب منك باليقظة المفاجأة بيهرب منك و ايديك على رقبته بتضغط بينقذه الصحيان منك و من ايديك على رقبته علشان يرجع يهاجمك في نوم تاني و حلم تاني كام مرة في عمرك مسكت في ايدك شيئ لا يمكن تعويضه خدت قرار انك تكسره با ايديك علشان تكون اقوى و كل مرة كنت عارف كويس انك لما بتكسره بتكسره للابد مستحيل انه يرجع سليم و كامل .. استحالة عودة الحياة لجسم ميت من حطام كل اللي كسرته للابد با ايديك على مدار حياتك بتخرج لك الاشباح في نومك و تطلع لك لسانها و الشوارع بتفضى قدام المجهول الزاحف و القعدة مع صديق في جنينة مع مشروب بارد في يوم مشمس بتتحول لشيئ من الماضي البعيد فقدناه مع هروب الحياة من الشوارع في اليقظة بتتزاحم الاشباح في المنام و ايه ح تكسر اكثر من اللي اتكسر علشان تكون اقوى ؟ 
هامش : 
ولدي نصحتك لما صوتي اتنبح ما تخافش من جني و لا من شبح و ان هب فيك عفريت قتيل اسأله ما دافعش ليه عن نفسه لما اندبح 
- من رباعيات صلاح جاهين 

 (آثار لأعمار عبرت) 
 في كهف من كهوف الذاكرة اختفيت نقيته بعناية بين تلال الذاكرة كهف منزوي و محصور في زحمة كل ما عبر ادخل .. و امدد .. و ارتاح اتخيل و استرجع .. معارك عبرت .. و معارك ح تيجي .. بتترسم على الجدران .. و قد ايه الذاكرة اللي في العادة بتكون مخادعة و شريرة بتكون فجأة مطيعة و رحيمة و متعاطفة .. بس لما بتلجأ لكهف مناسب فيها .. و ترمي عن صدرك كل اللي شيلاه تراكم لحظات التعب .. ما اسخف الجمل الشعرية اللي كنت معجب جدا بوصولك ليها .. ما اسخفها امام الراحة الحقيقية .. اللي بتخلقها لحظة واحدة من الامساك بالماضي على حقيقته .. بتتمدد اكثر في الزاوية دي من زوايا الماضي .. في هذا الكهف الحميمي من كهوف الذاكرة .. و مع كل لحظة بيزيد فيها احساسك بالراحة .. بتتضح الصورة اكثر و اكثر قدامك .. من الممكن بسهولة في زماننا .. انك تقف على حقيقة و تعتبرها نهائية .. مثلا : بكرة كائن همجي مجرد من الرحمة . او .. مثلا : الماضي شاكوش بيضرب على اعصابنا في الوقت اللي يختاره . اي حقيقة ممكن تطمئن لها .. او حتى تتعايش بالكامل مع قبحها .. بتتنسف نسف .. قدام لحظة واحدة من الراحة .. في كهف واضحة على جدرانه علامات الذاكرة .. . .. ايوة ... عشنا بالفعل .. اتحركت قلوبنا بالحب بالفعل .. غيرنا و اتغار علينا و اتألمنا و ضربنا احيانا من غير رحمة على كل اوتار الالم عند اللي حبيناه .. .. كل ده مش مهم . .. و لا مهم اي وجع سابه او ح يسيبه .. قدام لحظة الاكتشاف اللي بتخلقها قعدة مريحة في كهف من كهوف الذاكرة ... الاكتشاف ان ممكن فعلا بكرة ... .. يضربنا العشق من تاني .. مرة من غير الم .  

(شهرة) 
 دخول الشهرة من اجمل ابوابها هو انك تتحدى القانون و ترقص على جثة فلسفته تتحدي الحظر و تمشي انت و اصحابك في مسيرة مع تشابك الايادي .. ولاد و بنات مع بعض .. و تغيظوا المارة .. تتبادلوا القبلات و الاحضان .. من صغري .. و لا معنى عندي اكبر للشعر من استفزاز من يقرأ او يسمع .. النهاردة بتظهر لي شهرة جايزة نوبل للادب .. من غير اثارة و لا بتحرك اي شوق .. جنب شهرة قيادة تمرد جماعي .. من خلال تبادل الاحضان و القبلات علنا .. ارهقت المستقبل في دماغي من كثر ما حرضته على انه يجيب اسؤ و اخطر ما في جرابه .. ح تفقد الشرطة السيطرة على الشوارع .. ح تتكون في الاحياء قوى من البلطجية بتحكم كل حي .. ح تقف امدادات الاكل و الشرب .. .. ح تنتشر الفوضى و المجاعة .. ح تقرع الدول الكبرى طبول الحرب .. آخر آخر ما في ايد المستقبل بيكشف بيه اوراقه قدامي .. ح ابدأ الاتصال بعدها با اصدقائي و صديقاتي .. اسم اسم و رقم رقم .. ح ابدأ المكالمة دايما بجملة واحدة : بكرة جالي من شوية و هو لابس قميص قبيح جدا جدا .. ح اختصر الخطة المطلوبة في كلمتين : فلنتفضل على الغد بالاهتمام بخططه .. و با افسادها .. و نخرج للشارع متلاصقين .. مظاهرة من الاجساد الحميمة المتلاصقة .. و مع تبادلنا للقبلات و الاحضان في اشارات المرور .. ح يتعب اليائس فجاة من يئسه .. ح يحس باليأس زي شيلة تقيلة مالهاش لزوم و لا معنى .. ح تبص الذوات المتناثرة في الشارع .. الذوات الخايفة المتباعدة .. ح تبص علينا و كأننا مراية بتعكس توترهم و ضعفهم .. ح نرفع اصواتنا بالتحذير .. احنا شبكة من الحب .. فا احذر ان تقع يا من لا تمتلك شجاعة الابتسام امام المهالك .. طريقنا محبب جدا للموت .. فالمحبة هي غذاء الموت المفضل ... ح تشتعل السماء فجأة ببريق مفاجئ .. و ترعد بقوة .. ح ينزل المطر بغزارة .. و تتبل شعور البنات .. في اللحظة دي بالذات .. ح تظهر البيرة كملكة جميلات العالم .. ح نفتح قزايز من كل الانواع .. و نشرب من كل قزازة جماعيا .. و الناس بتراقب بذعر و هلع .. منهم اللي بيتصل بالبوليس و يبلغ .. و منهم اللي بيزعق و منهم اللي بيشتم .. و منهم اللي بيبتسم .. و كثير .. كثير جدا منهم بيضحك .. ما فيش معنى للتحذير من الحرق .. للي في اعماق اعماقه بيعشق النار .. حقيقة بتكرر نفسها .. من غير ملل .. و كأنها اجمل اغنيات الدنيا . 

(تراجدي) 
 وجوه با اشوفها بوضوح مع كل قهوة صباحية .. بتبتسم لي من على سطح السائل الساخن .. ابدا ... و رغم اي ظروف ... عمرها ما بتقل لذة الرشفة الاولى .. من كوب القهوة الصباحي الاول .. اللي جه جديد مؤخرا .. هو هذه الوجوه .. اللي بتتزاحم قدامي على الوش الكثيف للقهوة .. كلها وجوه مبتسمة ابتسامة غريبة .. ابتسامة سعادة ؟؟ تشفي ؟؟ حماس ؟؟ ما اعرفش !! منها وجوه لناس قفزت من البرج في نيويورك .. في هذا اليوم الخريفي الابدي من سبتمبر الفين و واحد .. بتبتسم لي قبل ما تلمس الارض .. كأنها بتقول لي يا ترى رحلتنا قبل ملامسة الارض اصعب و الا رحلتك ؟ 🙂 و وجوه تانية برضه مبتسمة .. و برضه في ظروف لا تقل جنائزية .. زي ناس على طيارة بتتأهب للهبوط .. فجأة بيسمعوا من الطيار ان عجلات الطيارة عطلانة و رافضة النزول .. و ان عليهم توقع هبوط شاق .. العمال في المطار بيرشوا ارض ال ( ررن وااي ) بالسوائل المعجونة بالزيت و الصابون .. و الطيارة بتستعد لملامسة الارض بسطحها المعدني الاملس الممتد .. و ابتسامة واحدة على وجوه الركاب فيها .. ابتسامة حماس و توقع .. زي الابتسامة على وجوه ركاب لعبة مثيرة في مدينة الملاهي .. وجوه و اماكن و مواقف .. و المشترك الوحيد هو الابتسامة .. الابتسامة المتصاعدة مع بخار القهوة .. مع عبق السائل الساخن المحبب في الاوضة .. با اعتذر لك يا زمن .. و با اطلب منك العفو .. ابدا ما توقعتش قدرتك الفريدة دي على انك تفاجأني .. تصورت في لحظات كثيرة جدا .. و متعددة جدا و متكررة جدا من السذاجة .. اني شفت كل هداياك .. و ان خلاص ما عادش في بريدك الوارد اي شيئ ممكن اعتبره جديد .. با اعتذر لك يا زمن .. و با اطلب منك العفو على استهانتي بيك .. و تهويني منك و من فكرة انك ممكن تكون قادر تاني تفاجأني .. و مستعد اعتذر لك علنا و ابوس راسك قدام الناس .. بس على شرط واحد .. انك تقدر في مفاجأة كبيرة من مفاجآتك .. انك بشكل ما تقنعني .. ان ممكن في لحظة .. لحظة واحدة بس .. ترجع لي هذه المتعة اللي حسيتها في يوم .. من لمس شعر بنت حبها القلب .. ياااااااه يا زمن .. لو قدرت تقنعني بده تبقى فعلا معلم .. و فعلا ما فيش اي رد فعل مناسب غير الابتسام .. و بس الابتسام ... قدام كل مآسي الدنيا . (اشياء حول الموسيقى) حاجات كثير مختلفة بتتعلق بالموسيقى مدهش قدر التنوع .. و يمكن احيانا التناقض .. في كل اللي مرتبط بالموسيقى .. و اللي بتنقشه في زوايا ارواحنا .. ح يدوّر الشعراء و هما بيحاولوا تسجيل احساسهم باللحظة .. عن كل ما هو درامي و باعث على الاثارة .. الوباء ح تتكلم عنه الناس في الزمن القادم .. ح ياخدوا حريتهم بالكامل في وصفه و وصفنا .. ح يتفننوا في قص الحكايات عن حياتنا تحت الحظر و الارشادات و القواعد .. ازاي كانت .. و ازاي عبرت .. و كرد فعل حالي على اللي ح يسمح اللي جايين لأنفسهم به .. من تدخل في صلب حياتنا .. تحت القلق و الترقب و الغد المجهول .. ح يرد شعرائنا النهاردة على الساكنين بطمأنينة في هذا الغد .. بيراقبونا زي ما بيتفرجوا على افلام الكاوبوي و الحروب مع المشروبات و التسالي .. ح يرد الشعراء با انتاج اكبر قدر ممكن من الدراما حوالين اللحظة .. اي حاجة ممكن ننغص بيها حياة الغارقين في الغد المطمئن .. اما انا فكل اللي ح انصحهم به هو انهم يقضوا وقت اطول و اعمق .. في تأمل مكان الموسيقى في حياتهم .. انهم ما يقعوش في نفس الغلطة اللي وقعنا فيها .. في التعامل مع الموسيقى على انها شيئ في الخلفية من حياتنا .. شيئ على هوامش الروح .. و هوامش الحب .. و هوامش الوطنية .. عايز اقولهم الموسيقى ليها دراع و قبضة اخطر بكثير .. للموسيقى تراكمها الصعب .. كل فتاة ابتسمت لي في يوم .. و في قلبها حب ايا كان قدره .. ما قدرتش الابتسامة رغم سحرها انها تصحيني على حقيقة التراكم الخطر للجمل الموسيقية .. زي نار بتمتد ببطء .. على قد ما بيمتد معاها في الروح الدفء .. على قد ما بتلتهم من غير ما نحس .. مساحات اكثر من شجاعتنا .. ح ترجع مية الانهار تجري بكامل الانسياب و النعومة .. النيل بالذات .. ح يعدي و يعبر .. و يمكن حتى اللحظة دي ما تدخلش في ذاكرته كشئ مهم .. كل حاجة ما اسهل انها ترجع زي ما كانت .. لكن هل ممكن يفضل زي ما كان ؟ يفضل محتفظ بنفس الشجاعة ؟ قلب حفرت عليه جمل الموسيقى ؟ 

(رأيت في ما يرى الصاحي .. رايت في ما يرى المستيقظ ) 

و كأنها لمسة من عصاية سحرية خارجة من قلب العدم .. خارجة من مركز في قلب الوجود .. ملياااان بالراحة .. في لحظة تبدد القلق .. تلاشى زي كائن عملاق من دخان .. نفخة واحدة حولته للاشيئ .. لحظة و كأن كل اللي في الشارع ربطت بينهم موجة خفية واحدة .. كله قلع القناع من على وشه و رماه .. تزاحمت الاقنعة و هي بتتطاير في الهوا .. و رجعت الانفاس تدخل و تخرج من الصدور با انسياب و نعومة .. رجعت الناس تتنفس من غير خوف .. و القلب لسه بيحاول يتعامل مع اللحظة .. يفتح كنوزها و يمتع النظر .. لمسته من تاني نفس العصا السحرية .. الممدودة من قلب العدم .. من قلب العدم و الخوف .. و مرة تانية غمرت الشارع حركة مش عادية .. وقفت الناس و على وشوشها تعبيرات غريبة .. كأنها بتسمع او بتنصت للحن جاي من عمق الزمن .. لحن خافت .. خافت .. زي بركان بيثور ببطء عبر التاريخ .. و كأنها بتشم عبق غريب انتشر في الارض .. ريحة اماكن حسينا فيها بالسعادة زمان و احنا اطفال .. و عمرنا ما رجعنا لها .. حسيت اني مش ح استحمل لمسة ثالثة من العصا دي الممدودة .. الخارجة من بطن العدم .. مش اقدر اتعامل مع اللي بتفتحه في القلب .. لكن و يا للدهشة .. لمستني تالت و رابع و خامس .. لمست كل اللي عابرين في الشارع .. حولتهم الى اطياف من السعادة و الراحة .. مرسومة على هيئة بشر .. اتفجر الماضي و الحاضر في شلال واحد من البهجة .. كل بنت بصت لي في يوم كئيب من ايام الماضي .. و قالت لي مش عايزة اشوف وشك تاني .. انت اسؤ شيئ حصل لي في حياتي .. لقيتها فجاة قدامي بتضحك و بتقول لي واحشني بجد .. بجد كانت ايام حلوة .. كل بنت خانتنا احنا الاتنين عهود الدنيا .. ظهرت قدامي مرسوم على وشها ابتسامة رضا .. كل واحد قال لي باللسان او بالنظر : اشعارك هي اسخف ما اتكتب بلغة مصرية .. لقيته فجاة قدامي .. بيقول لي : "لقيت على امتداد الطريق .. كثير من اللي انت قلته مفروش .. اشكرك " مش بيحتفل القلب ابدا بالشكر في لحظة سعادة .. مش بيحتفل لا بلحظة في الماضي و لا بنظرة على بكرة .. مش بيحتفل القلب لا بالشكر .. و لا بالزمن .. مش بعيد تتكرر السعادة .. مش بعيد تيجي بكرة لابسة فساتين با الوان تانية .. بكرة .. او بعد بكرة .. من امتى كان موعد مجيئها مهم ؟ شربت اللحظة بالكامل .. زي بخيل بيلم كنوز عمره .. حاوطتها و حميتها .. ما اتفهك يا زمن امام لحظة سعادة .. و ما اهونك يا وقت ... قدام اللي لسه قادر على الحلم .

اشياء تلح على الروح

------------------------------------------- اشياء من غير المحرج تذكرها ------------------------------------------ من فترة للتانية .. كنت با اكتب قصيدة للسخرية .. امتع ما اسعدني به المجتمع المصري .. هو كراهية اشعاري .. و كافأته المكافاة المستحقة .. قصايد السخرية ضمنتها في دواويني .. اسعدتني اكثر من غيرها .. تخيل يا جيلي العزيز .. . لو كنا بدانا مع الشعر و كان فيه تويتر و الفيس و الانستجرام .. مش كنا اكيد ح نحصد الاعجابات .. مش اكيد كان ح يكون لنا من المتابعين بالملايين .. تلاعبنا بفضائل المجتمع .. و رقصنا على جثث التراثات (جمع تراث ) .. فلنواجه الحقيقة يا جيلي الرائع الرومانسي .. يا جيل التسعينات المفرط في الرومانسية و السخي في الجنون .. المفرط في الثورة و الانحلال .. المفرط في عشق كل ما هو عادي .. جاء الفضاء الالكتروني بعد ما خمدت جوانا كل معاني الثورة .. بعد ما فقد العادي جوانا بريقه .. بقى عندنا حنين زي كل اللي سبقونا للمعجزات و الاساطير .. بقينا زي كل ما سخرنا منها من اجيال ... مش معنى كده ان الشهرة في يوم كان ليها اي اهمية عندنا او كان ليها في نظرنا اي معنى .. او ان ملايين المعجبين و المتابعين كانوا ح يعنوا لينا في الواقع اي شيئ .. قد ايه كان العالم في عيوننا بلا اي معنى .. قد ايه كان عالم جميل و رائع و عادي بلا اي ملل . --------------------------------------- اشياء من المحرج تذكرها --------------------------------------- كانت الاضاءة الخافتة نفسها .. الاضاءة اللي كنتي بتباني فيها مدهشة و كل اللي فيكي مدهش .. بسيطة و ساحرة .. في الركن المعتاد من المطعم الصيني .. الركن اللي استغربت فيه لأول مرة لأنك حافظة مقاطع من قصايدي .. كان بيفرحني بالذات اني اشوفك مستغرقة في الضحك على نكتي .. كل طاقة الكوميديا جوايا .. كانت بتخرج في اللحظات دي .. ما كان اجمل اني اشوفك بتضحكي على حاجة با اقولها .. نفس الاضاءة الخافتة اللي حضرت في ليلة الوداع .. قبل السفر للشمال و البرد .. السفر لاركان من مطاعم با اضاءة من غير سحر .. ايه اللي بان من نظرتي و انعكس على عينيكي .. بيحرجني جدا اني افتكر .. اني افتكر النظرة و انعكاسها .. اني افتكر اليوم اللي بدأ العجز فيه .. ياخد اماكن في الروح و يتمدد . ------------------------------------ اشياء بلا معنى حقيقي ------------------------------------ طلوع المقطم الساعة ستة الصبح .. اول الخريف ... بعد ليلة طويلة من السهر و السكر .. حواديت مالهاش معنى عن البراءة اللي بدأنا نفقدها .. و البنات .. البنات محتلين المركز من كل موضوع .. محتلين المركز من كل اشارة و كل حدوتة و كل نكتة ... ليه سيبنا البنات يهاجموا مناطق الوعي في كياننا .. يسيطروا و يحتلوا القلاع و الحصون ... البنات و البيرة اللي بتخلص دايما و بتجبرنا على الخروج صباحا للبحث عن المزيد منها ... و دايما المقطم او النيل او الهرم .. اشياء كلها بلا اي معنى حقيقي النهاردة ... كلها مش فاضل منها الا بقايا في الخيال .. و لا حتى فاضل قليل من النوستالجيا .. اشياء حدثت و عبرت و بس . ----------------------------------- اشياء كانت مؤلمة وقتها ----------------------------------- احمد المعلم كان صديقي العزيز .. يا ما سهرنا و لعبنا و خرجنا .. ياما حكينا لبعض قصص مخزية و فضائحية .. ياما ضحكنا من قلبنا على اشكال الناس في المواصلات الصباحية .. لما بنكون راجعين لبيوتنا في نهايات السهر .. ياما نزل علينا السكون و الهدوء مع صوت الست بعد اول حجرين .. ساعات كان بيغير الموضوع .. فورا لما كان الحوار بيدخل لمناطق خطرة .. كان بيغير الموضوع .. ابدا لم استحق في نظر احمد المعلم انه يشتبك معايا في حوار حقيقي يغوص لمناطق لها عمقها في القلب .. رغم كل السهر و الخروج .. و تبادل كتب الشعر .. ابدا ما استحقيتش في نظر احمد المعلم الثقة الحقيقية .. حاجات كثيرة كانت مؤلمة وقتها .. اما الآن فثقة احمد المعلم هي آخر شيئ في الوجود ممكن يعنيني . ------------------------------- اشياء ما زالت مؤلمة ------------------------------- مهما كتبنا من قصايد مؤثرة ح نفضل متهمين بالسطحية و الغباء .. نفس الفعل بيقوم به الشعراء منذ قديم الزمن .. كتابة القصايد .. حتى في زمن الانترنت و الهاتف الذكي .. لسه بيكتب الشعراء القصايد .. جيل السبعينات جرب كل اغراض الشعر من خمريات لهجاء لفخر لنسيب لمدح .. الخ .. الخ .. و ما زال بيدعي انه غامر مع الشعر المغامرة الاكبر .. و احنا .. احنا اللي رمينا كل اغراض الشعر في اقرب سلة مهملات .. و اعلننا من الالم و العبث و الصمت اغراض جديدة و ابدية للشعر .. ما زلنا قانعين بمكاننا في الظل .. ما زلنا لا نرى في الشعر غاية الوجود الكبرى .. ما زلنا بنحاول حصر الشعر و اخراجه من مراكز الاحساس بالألم .. ما زلنا بنجرب عزل الانثى عن مكان المركز في احساسنا بالوجود .. ما زلنا مرهقين و متعبين و ما زالت اغلب الاشياء مؤلمة .

Grief is personal الى ابي

بتاعك .. .. خاص بيك .. ليك .. و ليك لوحدك ... مش حاجة تقدر تشاركها او تشارك فيها .. غير طبق المأتم .. و غير الزهور و باقات الزهور .. غير حفلات التأبين و الخطب و الكلمات المعدة بعناية ... غير قصائد الرثاء ... مش حاجة تقدر تشترك فيها مع الاخرين ... او تسمح لحد انه يشاركك و لو جزء منها ... ليك لوحدك و مش لأي حد غيرك .. طوق من الشوك بتلبسه حوالين رقبتك و انت خارج كل يوم الصبح .. كرة تقيلة من الحديد مربوطة في رجلك .. الى الابد مربوطة في رجلك ... ... معاك حتى في احلامك ... .. الزمن ما بيخففش .. الزمن ما بيسعفش .. و لا بيقلل و لا بيلطف و لا بيرطب .. .. كل دي اوهام الغافلين عن حقيقة و معنى الكائن اللي بيشاركنا حياتنا بعد ما رحل عنها من رحل .. .. الزمن بس بيزود ارتباطك بيه .. بيعمق كل يوم احساسك بحضوره .. و رغبتك في الامساك بالحضور ده و ربط نفسك بيه ... محاصرته ليفلت منه و لو شيئ بسيط .. الزمن ما بيخففش حدة الشوك في الطوق اللي بتلبسه حوالين عنقك و انت خارج كل يوم .. الزمن بس بيخليك تصاحب الم الشوك و هو بينغرس في رقبتك .. تنزعج لو حسيت في يوم ان شوكة ما بقاش ليها نفس حدة الالم ... بيصاحبك على الالم ... .. و يربطك بيه اكثر .. و يربط بيه كل تفاصيل وجودك .. الزمن ما بيخففش من ثقل كرة الحديد المربوطة في رجلك .. اللي بتجرجرها وراك و انت ماشي من مكان لمكان .. اللي بتشاركك نومك و احلامك .. الزمن بس بيعمق ثقلها حوالين الرجل ... .. لو حسيت في لحظة انها بقت اخف .. .. بتسرع بخطواتك اكثر ... علشان تأكد ثقل كرة الحديد و هي بتشد في رجلك اكثر و اكثر .. ده اللي بيعمله الزمن .. من اللحظة اللي ادركت فيها حقيقة الغياب .. من اللحظة اللي ادرك الكحول فيها في خلايا الدم .. انه عاجز امام المعركة دي بالذات .. .. ادركت ان ده ح يفضل شيئ خاص بيك .. بتاعك لوحدك .. احمله بثقة .. بيقين انه مش ح يهرب منك ابدا .. اللقاءات في الاحلام ما بتساعدش .. ما بتقللش .. و لا بتخفف و لا بترطب .. زيها زي الزمن .. بس بتعمق وجوده اكثر ... .. بتصحي من الحلم على حقيقة الغياب .. .. على حقيقة انه عالم رحل عنه .. عالم من غير وجوده .. بتصحيك على كابوس .. ده اللي بتعمله الاحلام .. و اللقاءات في الاحلام .. ده اللي بيعمله الزمن .. و طويل .. .. .. .. طويل .. طويل .. طويل الزمن